إذا كان الجسد البشري لا يستغني عن الطعام و لا الشراب لأنهما يضمنان له البقاء والقوة من أجل مواجهة الصعاب، فإن للرّوح أيضا غذاؤها الذي لا يمكن أن تستغني عنه
ألا وهو القراءة.
كان ولا زال سحر القراءة سحرا لا يُقاوم لمن تلّذذ بها وذاق حلاوتها، فلحظات القراءة هي أجمل اللّحظات و أمتعها في حياة الإنسان، و هي التي تخرجنا من مشاكل الحياة
و مصاعبها و تُدخلنا لعالم لا هم ولا حزن فيه؛ عالمٌ لا يوجد فيه سوى القارئ و تلك الجمل والأسطر المكتوبة على صفحة ناصعة البياض.
لكن البعض تجده لا يتلذذ بهذه اللّحظات ولا يذوق طعمها الحلو مهما قرأ من كتب وروايات، وإذا سألته عن حلاوة تلك اللحظات يجيب أنه لم يلتقِ بها طوال مسيرته مع الكتاب
فتتعجب من أمره، ولكن إذا عُرف السبب بطل العجب فصاحبنا افتقد لأهم أمر: مفتاح خزائن و أبواب تلك الحلاوة
إفتقد للقراءة بدون خلفية.
فما هي يا ترى القراءة بدون خلفية؟
البعض يصادف كتاباً أو رواية في رف إحدى المكتبات فيُعجب بتصميمه، لكن لا يقتنيه، و إن فعل فهو لا يكمل قراءته لآخر سطر منه! ببساطة لأنه حكم عليه إنطلاقاً
من عنوانه، و تخيل وقائعه ونهايته مباشرة دون إطلاع، فكيف نحكم على شىء دون أن نطلّع عليه؟
و البعض الآخر يتعامل مع الكتاب من خلال صاحبه، فبدون تمعن فيه يحكم عليه و إمّا أن يكون ضده أو معه، يوافقه أو يخالفه الرأي...
فكيف نوافق البعض في آرائهم او نخالفهم دون النظر لتلك الآراء و الحجج التى ساقها أصحابها فقد تكون مغايرة تماما لتوقعاتنا!
هل هو الإختلاف من أجل الإختلاف أم هو التقليد الأعمى ؟
فإلى متى نحكم على الأشياء بسطحية و دون الولوج و التوغل في عالمها العميق المتعدد اللآراء والإتجاهات؟
متىسنصبح أمة تنظر إلى الآراء و أدلتها بحيادية؟
حان الوقت لتصبح أحكامنا التى نصدرها بدون خلفية مسبقة.
آن الأوان أن نتعامل و آراء الآخرين و نكون معم و ضدهم إنطلاقا مما قرأنا لهم وليس لأننا نحمل افكاراً مسبقة عن قضاياهم
في الأخير:
إقرا بدون خلفية ستجد حلاوة القراءة وسحرها.