منتدى ذكرى

تعليم ، كتب ، الرياضة ، الجزائر ، أخبار ، بكالوريا ، نتائج ، مسابقات،برامج ،ملتقى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

  السلطان محمد الفاتـح

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
sayad
المدير العام
المدير العام
sayad


ذكر عدد المشاركات : 1030
النقاط النقاط : 2368
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 09/02/2010

 السلطان محمد الفاتـح Empty
مُساهمةموضوع: السلطان محمد الفاتـح    السلطان محمد الفاتـح Icon_minitime1الأحد يوليو 03, 2011 2:34 am

السلام عليكم ورحمة الله

والصلاة والسلام على رسول الله

اما بعد :

السلطان محمد الفاتـح
الداهية صاحب الأفكار وفاتح القسطنطينية


أعدّه محمد السيد
لم يكن محمد الفاتح مجرد قائد حربي لا يعرف إلا القتال والغزو فقط، بل كان له من الإنجازات
الحضارية والعمرانية الشيء الكثير، فلقد كان شديد الاهتمام بالمدارس
والمعاهد العلمية ونشر العلوم في كافة أرجاء الدولة المتسعة، وأنشأ
المكتبات الكبيرة ووضع لها نظامًا دقيقًا ينم عن عقلية علمية تسبق زمانها،
وكان محبًا للعلماء يحرص على إحضارهم لبلاطه والاستفادة من علومهم وهو مع ذلك مهتم بالشعراء والأدباء والترجمة، وبنى
المستشفيات والقصور والمساجد والأسواق الكبيرة، واهتم بتنظيم التجارة
والصناعة، وأنشأ نظامًا دقيقًا للإدارة خاصة بالجيش والبحرية، ونظم القضاء
وجعله مستقلاً وشدد على حرمة القضاة ونوابهم.
السلطان محمد الفاتح
اجتهد العديد من قادة
المسلمين في محاولات متكررة لفتح القسطنطينية، ليحوزوا بذلك شرف ثناء رسول
الله (صلىالله عليه وآله وسلم) على الفاتحين، وكانت أول محاولة لهم قد جرت
في زمن معاوية بنأبي
سفيان سنة 44هـ، وكان أبو أيوب الأنصاري الصحابي الجليل (رضي الله عنه)
أحدالذين شاركوا في تلك المحاولة، وقد مات (رضي الله عنه) في حصارها وقبره
معروف هناك،ويزوره الناس حتى اليوم. لقد تكررت محاولات المسلمين فتح
القسطنطينية، حتى بلغتإحدى عشرة محاولة، حتى مكن الله تعالى السلطان الغازي
في سبيل الله محمد الفاتح منذلك، وتشرف بهذا الفتح العظيم. فمن هو هذا الخليفة الذي حاز شرف ثناء رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم؟

نشأته وشخصيته
:
هو محمد الثاني بنالسلطان مراد، لقب بالفاتح، لفتح القسطنطينية، وهو سابع السلاطين الفاتحين من بنيعثمان، وكان يلقب بأبي الخيرات، لكثرة أعماله الخيرية. تولى الحكم بعد وفاة والدهمراد الثاني في 16 من شهر محرم سنة 855هـ الموافق 18/2/1451م، وكان عمره اثنانوعشرون عاماً. كان والده يعده للحكم من بعده، ويتوسم فيه الخير، لنبوغه وقوةشخصيته، فأدخله مدرسة الأمراء، التي أنشئت لتدريس وتخريج القادة، فبز أقرانه فيكثير من العلوم، ثم أرسله والده والياً على مغنيسيا، وأرسل معه أحد العلماءالربانيين، هو العالم الجليل أحمد بن إسماعيل الكوراني، وكان عالماً مشهوداً لهبالفضيلة التامة، والالتزام بالأحكام الشرعية دون خوف أو محاباة، وكان له منالمهابة والوقار ما يجعل السلطان أو الأمير يقبل يده حين يلتقيه، وقد تولى بنفسهإعداد محمد الفاتح، فنشأ مؤمناً
ملتزماً أحكام الشريعة، متقيداً بالأوامر والنواهي،معظماً لحرمات الله،
يقدر العلماء، ويقدر مسؤوليته التي طوق الله بها عنقه، فلما آلإليه الحكم
بعد وفاة والده، نهض بالمسؤولية، وقام بها خير قيام، فأعاد تنظيم
إداراتالدولة، واهتم بالأمور المالية، وضبط النفقات، ومنع كل أشكال البذخ والترفوالإسراف، وأولى الجيش جل اهتمامه، فنظمه في كتائب، ووضع سجلات خاصة بالجندوأرزاقهم، وزاد من مرتباتهم، وزود الجيش بأحدث الأسلحة المتوفرة في عصره، واستخدمأحد أعظم صناع المدافع من المجر
واسمه "أوربان" فصنع له مدفعاً عملاقاً كانت تجرهمئات الثيران لضخامته،
كما أمر الجيش بخيرة العلماء والفقهاء، الذين بثهم بين صفوفهلحث الجنود على
الجهاد وإلهاب مشاعرهم وحماسهم، كما عمل على تطوير إدارة الولايات،فعزل
المقصر أو المتهاون من الولاة وطور البلاط السلطاني، وأحاط نفسه بعدد منالخبراء وأهل التقوى والورع، وافتتح عدداً كبيراً من المدارس، منها ثمان بجوارمسجده المعروف في إسلامبول اليوم، وكان يتفقدها بنفسه أحياناً ويجلس مع الطلابوالمعلمين ويناقشهم، وافتتح المشافي وعيَّن فيها أحدق الأطباء، وكان في كل مشفىجرّاح وصيدلي وجماعة من الخدم والبوابين، وكان يشترط على الطبيب أن يزور مرضاهمرتين على الأقل في اليوم الواحد، ويشترط على الطباخ أن يكون ملماً بالطعام المناسبلكل
مريض. وبإيجاز فإن محمد الفاتح قد جمع التقوى والصلاح، وحسن سياسة الرعية،
فكانإماماً وراعياً للأمة، فاستحق ثناء رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)، ونال شرفالفتح، فلنعم الأمير ذلك الأمير.

تولى
محمد الفاتح السلطنة بعد وفاة أبيه ، وبدأ في التجهيز لفتح القسطنطينية،
ليحقق الحلم الذي يراوده، وليكون هو محل البشارة النبوية، وفي الوقت نفسه
يسهل لدولته الفتية الفتوحات في منطقة البلقان، ويجعل بلاده متصلة لا يفصلها عدو يتربص بها

الإعداد لفتح القسطنطينية

قلنا إن السلطان محمد الفاتح كان يقرِّب إليه العلماءالربانيين، ويثق بهم ويستشيرهم، ومن هؤلاء العلماء الأجلاء "محمد بن حمزة
الدمشقي" وكان يلقب "آق شمس الدين" وكان أحد العلماء الذين أشرفوا على
إعداد السلطان عندماكان أميراً على مغنيسيا، وكان دائم التشجيع والإغراء له
قبل توليه الحكم وبعده،ليفتح القسطنطينية، فأوقد في صدره نار العزيمة، حتى
قيل إن الشيخ آق شمس الدين هوفاتح القسطنطينية المعنوي.
وعندما عزم السلطان على الفتح، قام بسلسلة من الأعمالالسياسية والعسكرية تمهيداً لملحمة الفتح، فقد عقد معاهدة مع كل من المجروالبندقية، وهما من الإمارات
النصرانية المجاورة، وفي المجال العسكري، بذل السلطانمحمد جهوداً جبارة في
إعداد الجيش تدريباً وتسليحاً، وقد بلغ تعداد جيشه ربع مليونمقاتل، زودهم
بأحدث الأسلحة في أيامه، وحرص على تدريبهم وتجهيزهم مادياً ومعنوياً،فكان
يلتقيهم باستمرار، ويخطب فيهم ويذكرهم بحديث رسول الله (صلى الله عليه
وآلهوسلم) وثنائه على الجيش الذي سيفتح القسطنطينية، فألهب مشاعرهم،
وأصبحوا ينتظرونأمره بالهجوم بفارغ الصبر، سيما والعلماء الأجلاء مبثوثون
بينهم، يبشرونهم بنصرالله في الدنيا، وعظيم ثوابه في الآخرة، فأصبح جيشه كالاسود الضارية، تغلي فيصدورهم عزيمة كعزيمة أسلافهم الصحابة الأجلاء.

وفي الجانب المادي، قام السلطانببناء قلعة "رومللي حصار" في الجانب الأوروبي من مضيق البوسفور، وفي أضيق نقطة منه،كانت تقابل القلعة التي بناها جده السلطان بايزيد في البر الآسيوي، وكانت قلعةمحصنة عظيمة بلغ ارتفاعها 82 متراً، فأصبحت القلعتان تتحكمان في عبور السفن من شرقالبوسفور إلى غربه، وقد حاول الإمبراطور قسطنطين ثني السلطان عن بناء القلعة، مقابلالتزامات مالية تعهد بدفعها له ولم يفلح، حيث رفض السلطان ذلك رفضاًقاطعاً.

كذلك
وجه السلطان الفاتح عناية خاصة للأسطول، فعمل على تقويته وتزويدهبالسفن
المختلفة، حتى أهله ليكمل به حصار القسطنطينية تمهيداً للجوم النهائيعليها.
عندما أكمل السلطان هذه الاستعدادات، أمر بتمهيد طريق أدرنة والقسطنطينيةحتى تكون صالحة لجر المدافع العملاقة من أدرنة
حيث تصنع، إلى القسطنطينية، حيثستكون الملحمة التاريخية، وكان بعض هذه
المدافع يزن مئات الأطنان، وقد استغرق جرهاوإيصالها إلى المواقع التي
اختارها لها السلطان بنفسه قرابة شهرين.

وفي يومالخميس من سنة
857هـ، الموافق 1453م، وصلت الفيالق العثمانيةبقيادة السلطان الفاتح إلى
مشارف القسطنطينية، فخطب فيهم السلطان خطبة قوية، حثهمفيها على الجهاد في
سبيل الله، وإخلاص النية بطلب النصر أو الشهادة، وتلا عليهمآيات من القرآن
الكريم تحث على الجهاد والصبر، وتلا عليهم حديث رسول الله (صلى اللهعليه
وآله وسلم) المبشر بفتح القسطنطينية وفضل الجيش الفاتح لها وأميره، وذكرهم
بمافي ذلك الفتح من إعزاز
للإسلام والمسلمين، فرد عليه عساكره مهللين مكبرين، سائلينالله تعالى
النصر والتمكين. ومما يجدر ذكره هنا، أن السلطان محمد الفاتح، كان
يتقناللغة العربية واللغة الفارسية تماماً كما كان يتقن اللغة التركية.

في اليومالتالي قام السلطان بتوزيع جيشه حول المدينة، فأحكم حصارها من جهة البر، ونصبمدافعه العملاقة في مواجهة الأسوار، كما وضع فرقاً للمراقبة في مختلف المواقعالمرتفعة والقريبة من المدينة،
ونشر سفنه في المياه المحيطة بها، واستطاع أسطوله أنيحتل جزر الأمراء في
بحر مرمرة. وفي الوقت نفسه بذل البيزنطيون قصارى جهدهم للدفاععن المدينة،
ووزعوا جنودهم على الأسوار، وأحكموا التحصينات، وقد بدأ القتال فعلياًبين
الجيشين منذ اليوم الأول للحصار، وفاز عدد كبير من الجنود
المسلمين بالشهادة. وكانت مدافع السلطان لا تنقطع عن دك الأسوار ليلاً
ونهاراً، وكان البيزنطيونيسارعون في نفس الوقت لترميم ما يتهدم، وكان
القساوسة والرهبان النصارى يطوفونبشوارع المدينة، ويحرضون أتباعهم على
الثبات حتى النصر، ويطلبون من الناس الذهابإلى الكنائس للدعاء والطلب من المسيح والسيدة العذراء إنقاذ المدينة، حتى إنالإمبراطور قسطنطين نفسه أصبح يتردد على كنيسته آيا صوفيا للغاية نفسها.

استبسلالجيش
الإسلامي في الهجوم، واستبسل البيزنطيون في الدفاع، وقد حاول
الإمبراطورقسطنطين ثني السلطان عما عزم عليه فعرض عليه الأموال الطائلة
والدخول في طاعتهوتلبية كل طلباته إن هو عاد عن حصاره للمدينة، فرد عليه
السلطان رداً حاسماً «ليسلملي الإمبراطور المدينة، وأقسم أن جيشي لن يتعرض
لأحد في نفسه أو ماله أو عرضه، ومنشاء بقي في المدينة، وعاش في أمن وسلام، ومن شاء رحل عنا في أمن وسلام» استمرتالمعارك في الليل والنهار، وفي البر البحر، وكانت نقطة الضعف في الحصار آتية من عدمتمكن المسلمين من الوصول بسفنهم إلى القرن الذهبي، فكانت تنفذ منه بعض السفنالنصرانية، القادمة من الإمارات النصرانية كجنوى والبندقية، ومعها الإمداداتللمحاصرين، فترتفع روحهم المعنوية.

حاول
الأسطول العثماني اقتحام القرن الذهبي،ودارت معركة بحرية ضارية بينه وبين
المدافعين، ولم يستطع الأسطول العثماني الدخولإلى القرن الذهبي، وبعد يومين من هذه المعركة دفعت بعض الإمارات النصرانية بعدد منسفنها لدخول القرن الذهبي، لتزويد المحاصرين بالمؤن والسلاح، فدارت معركة بحريةأخرى أقوى من سابقتها، وكان السلطان يشرف من على
ظهر جواده على المعركة، وأصدر أمرهلقائد الأسطول "بالطة أوغلي" إما أن
تستولي على هذه السفن أو تغرقها، وإلا فلا ترجعإلينا حياً. بذل قائد
الأسطول جهده لمنع السفن النصرانية من إمداد المحاصرين، إلاأن بعضها تمكن من الإفلات،
ونجح في الوصول إلى المدينة المحاصرة، غضب السلطان محمدالفاتح غضباً
شديداً، واستدعى قائد الأسطول، وأنّبه تأنيباً شديداً واتهمه بالجبن،فرد عليه قائد الأسطول قائلاً: «إني أستقبل الموت بجنان ثابت، ولكن يؤلمني أن أواجهالموت وأنا متهم بمثل هذه التهمة، لقد قاتلت أنا ورجالي بكل ما كان في وسعنا منحيلة وقوة» ورفع طرف عمامته، فإذا عينه قد أصيبت في المعركة، فأعذره السلطان واكتفىبعزله وتعيين قائد جديد للأسطول.

كان
الحصار يتحول يوماً بعد يوم إلى صراعإرادتين، إرادة المسلمين بقيادة محمد
الفاتح، يحدوهم الأمل بالفوز بثناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
وإرادة البيزنطيين بقيادة الإمبراطور قسطنطين، الدفاععن المدينة حتى الرمق
الأخير.

تفنن المسلمون في خططهم، وازدادت عزائمهم
قوةًوإصراراً، فقاموا بعمل جديد وتدبير عسكري غير مسبوق، قاموا بحفر
الأنفاق تحت الأرض،واستمروا في ذلك دون كلل، حتى تجاوزوا الأسوار، لكن
البيزنطيين أحسوا بذلك، فقاموامن طرفهم
بحفر أنفاق مقابلة، ولما وصلها المسلمون ظنوها سراديب سرية توصل إلى
داخلالمدينة، ففاجأهم البيزنطيون، فقامت معركة طاحنة تحت الأرض، فاستشهد من المسلمين منكتبت له الشهادة، وعاد من كتبت
له النجاة ينتظر جولة أخرى عله يكتب له النصر أوالشهادة، لم ييأس المسلمون
وكرروا حفر الأنفاق في أماكن مختلفة حتى صار يخيلللبيزنطيين أن الأرض
ستنشق من تحت أقدامهم ليخرج منها جنود المسلمين. فأوهن ذلك منعزائمهم، وبدأ اليأس يتطرق إلى قلوبهم.

لم ييأس السلطان محمد الفاتح وفاجأهممفاجأة أخرى، حيث أمر ببناء
قلعة خشبية هائلة يزيد ارتفاعها عن ارتفاع أسوارالقسطنطينية، وكساها
بالجلود، وبللها بالماء حتى تقاوم النيران، وملأها بالجنود،وزحف بها إلى
السور الأمامي حتى التصقت به، ذهل البيزنطيون من منظرالقلعة، فسقطتعلى السور الأمامي فانهار جزء منه، ولما علم السلطان بذلك، قال غداً سنبني أربعاًمثلها، يا لها من عزيمة تستحق ثناء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

استمرت مدافع السلطان العملاقة تدك أسوار القسطنطينية ليلاً ونهاراً،فانهار جزء منها، وبعث السلطان الفاتح برسالة إلى قسطنطين يطلب منه
تسليم المدينة،مقابل ضمان سلامة أهلها وممتلكاتهم، فرد عليه قسطنطين
قائلا: «إنني على استعدادلدفع الجزية، ولكن لن أسلم المدينة أو أموت تحت
أسوارها». ولما قرأ السلطان ردقسطنطين أجاب بعزيمة المؤمنين التي لا تعرف الوهن: «غداً سيكون لي فيها مقر، أويكون لي فيها قبر».
كانت المدافع تعمل عملها ليلاً ونهاراً، وكانت تكبيراتالمسلمين المدوية، تحدث في نفوس البيزنطيين من الرعب أكثر مما تحدثه المدافع، إلاأن هناك ثغرة بقيت في الحصار، كانت تأتي منها
الإمدادات، وهي القرن الذهبي، الذيحاول الأسطول العثماني الدخول إليه مرات
عدة، ولكن السلاسل الحديدية الضخمة التيكانت تقفل مدخله حالت دون ذلك

سفن الفاتح في الصحراء

قرر
السلطان محمد الفاتح دخول القرن الذهبيبأسطوله مهما كلف الأمر، لأن ذلك
يعني أن تصبح القسطنطينية في حصار خانق، فتفتقذهنه وعبقريته عن معجزة
عسكرية لم يسبق إليها أحد قبله، كانت خطته أن يرفع عدداً منسفنه من مرساها
في "بشكطاش" في البوسفور إلى البر، ثم ينـزلها إلى القرن الذهبيبعيداً عن
مدخله المغلق بالسلاسل، والمحمي بالأسطول البيزنطي، وكان يعلم أن أضعفنقطة
في الأسوار، هي تلك الواقعة على القرن الذهبي.

ولم
تكن أرضاً ممهدة، بل كانت وهاداً وتلالاً، فأمر الفاتحبتسويتها، وأمر
بإحضار الألواح الخشبية فرصفت على الأرض، ودهنت بالزيت حتى يسهلانزلاق
السفن عليها، وقام الجيش الإسلامي ورجاله الأشداء، يرفع السفن من البوسفور،وجرها هذه المسافة الطويلة، وثم إنزالها في نقطة آمنة
في القرن الذهبي، وقد تم ذلككله في ليلة واحدة، وما إن بزغ نور الفجر حتى
كانت أعلام السلطان ترفرف على اثنتينوسبعين سفينة في القرن الذهبي، يملؤها
الجند مدججين بالسلاح، مكبرين مستبشرين بنصرالله،
ولما رأى البيزنطيون ذلك صعقوا، وانحطت روحهم المعنوية، وحاولوا
مهاجمةالأسطول العثماني فارتدوا خاسرين مدحورين. يروي أحد الشهود النصارى
واسمه "نيقولوباربارو" وكان يعمل طبيباً على ظهر إحدى سفن البندقية المشاركة في الدفاع عنالمدينة، أن المسلمين تصدوا للهجوم البيزنطي ببسالة منقطعة النظير، وقصدوا الهجوموأغرقوا عدداً من السفن البيزنطية، فأصبحت لهم السيادة في القرن الذهبي.

ويروي أحد المؤرخين عن نقل الأسطول عن طريق البر فيقول «ما رأينا ولا سمعنا من قبلبمثل هذا الشيء الخارق، محمد الفاتح يحول الأرض إلى بحار، وتعبر سفنه قمم الجبال،بدلاً من الأمواج، لقد فاق بهذا العمل الإسكندر الأكبر.

زاد
الحصار علىالمدينة براً وبحراً، وكانت مدافعه تدكها ليلاً ونهاراً، وصيحات
الجنود (الله أكبر،الله أكبر) تحطم روحهم المعنوية، خطب السلطان فيالجيش،
وأمر جنوده بالتقرب إلى الله تعالى بالطاعات والصلاة والدعاء وإخلاص
النية،وحثهم على الصبر والتضحية، وقام هو بنفسه باستطلاع الأسوار، وحدد مواقع معينةلتركيز القصف عليها. وفي اليوم التالي ، اشتد القصف المدفعي، وارتفعتالتكبيرات مدوية من حناجر المجاهدين، وكان السلطان يمر على الجنود بنفسه،
ويحثهمعلى الجهاد، ويبشرهم بقرب النصر، وكان العلماء لا يفترون عن التجوال
بين الجنود،يقرؤون عليهم الآيات التي تحث على القتال في سبيل الله،
ويذكرونهم بفضل الشهداء،وعظيم ثوابهم عند الله.

جلس
السلطان مع كبار القادة ، وخطب فيهم خطبةمؤثرة، وذكرهم فيها حديث رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن فتح القسطنطينية،ودعا فيه مخلصاً أن
يكون هو وجنوده أهل هذا الشرف، ومن ضمن ما قاله في خطبته: «أبلغوا أبناءنا
العساكر فرداً فرداً، أن النصر العظيم سيزيد الإسلام قدراً وشرفاً،فيجب
على كل جندي أن يجعل تعاليم الشريعة الغراء نصب عينيه، فلا يصدر عن أحد منهمما
يخالف ذلك، وليتجنبوا الكنائس والأديرة، ولا يقتلوا طفلاً ولا شيخاً ولا
امرأةًولا راهباً في صومعته، وليحسنوا معاملة القيصر إن أسروه.

وفي صبيحة يومالمعركة أمر السلطان جنوده فصلوا "الفجر" ودعوا الله مخلصين، وبدأالهجوم مع صيحات التكبير عقب الانتهاء من الصلاة مباشرة، وبدأ الهجوم موجة تلوأخرى، حتى أرهق المدافعين، وتمكن المسلمون من اعتلاء الأسوار، والاستيلاء علىالأبراج المدافعة في منطقة
"باب أدرنة" ورفعت عليها رايات السلطان، وقتل الإمبراطورقسطنطين، ونزل خبر
مصرعه على البيزنطيين كالصاعقة، فانهارت معنوياتهم، وبدأوايهربون إلى
بيوتهم يتبعهم جند الإسلام مكبرين، وما حان وقت الظهر إلا والسلطانالفاتح
يتجول وسط عاصمة بيزنطة على ظهر جواده، يحف به جيشه الظاهر مكبرين
مهللين،يهنئون السلطان ويهنئهم، وهو يقول «الحمد لله، ليرحم الله الشهداء،
ويمنح المجاهدينالشرف والمجد، ولأمتنا الإسلامية العظيمة الشرف والشكر» ثم ترجل عن جواده وسجدشاكراً لله تعالى على هذا النصر العظيم.
أمر "محمد الفاتح" بعد ذلك بنـزع الصلبان منكنيسة
آيا صوفيا وتجصيص الصور، وصلى فيها صلاة الجمعة، وحولهابعد ذلك إلى مسجد
تقام فيه الصلوات الخمس، وقد بعث إليه بابا روما يتهدده على تحويلآيا صوفيا
إلى مسجد، فرد عليه الفاتح بقوله: «لقد شرفت آيا صوفيا بأن حولتها
إلىمسجد، أما إن مكنني الله تعالى، فسأحول مكانك الذي تقف فيه، إلى
مربطلخيولي.

بعد هذا الفتح العظيم، أرسل الفاتح
رسائل البشرى إلى أقطار العالمالإسلامي في آسيا وأفريقيا، فأرسل برسائل
إلى فارس، والهند، ومصر، والحجاز، فعمتالفرحة هذه الأقطار، فقد تحققت بشرى
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأصبحالحلم حقيقة، فنودي بالزينة في
مدائن المسلمين، ورفعت أعلام الفاتح، ودعي له علىالمنابر، ونظم فيه الشعراء شعراً، ومن أحسن ما قيل في هذه المناسبة:

الله أكبرهذا النصر والظفر هذا هو الفتح لا ما يزعم البشر
إن مما يجدر ذكره في هذاالمقام، أن السلطان الفاتح، كان شاعراً باللغة التركية، ويقول في قصيدةله:
حماسي: بذل الجهد لخدمة ديني دين الله.
عزمي: أن أقهر أهل الكفر جميعاًبجنودي جند الله.
وتفكيري: منصب على الفتح، على النصر، على الفوز بلطفالله.
وجهادي: بالنفس وبالمال، فماذا في الدنيا بعد الامتثال لأمرالله.
وأشواقي: الغزو مئات الآلاف من المرات في سبيل الله.
ورجائي: في نصرالله، وسمو الدولة على أعداء الله

ما بعد الفتح
بعد إتمام النصر الذي حققه محمد الثاني وهو لا يزال شابًا لم يتجاوز الخامسة والعشرين -وكان هذا من آيات
نبوغه العسكري المبكر – اتجه إلى استكمال الفتوحات في بلاد البلقان، ففتح
بلاد الصرب سنة (863هـ=1459م)، وبلاد المورة (865هـ= 1460م)، وبلاد الأفلاق
والبغدان (رومانيا) سنة (866هـ=1462م)، وألبانيا بين عامي
(867-884م=1463-1479م)، وبلاد البوسنة والهرسك بين عامي
(867-870هـ=1463-1465م)، ودخل في حرب مع المجر سنة (881هـ=1476م)، كما
اتجهت أنظاره إلى آسيا الصغرى ففتح طرابزون سنة (866هـ=1461.

كان من بين
أهداف محمد الفاتح أن يكون إمبراطورًا على روما، وأن يجمع فخارًا جديدًا
إلى جانب فتحة القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، ولكي يحقق هذا الأمل
الطموح كان عليه أن يفتح إيطاليا، فأعدَّ لذلك عدته، وجهّز أسطولاً عظيمًا،
تمكّن من إنزال قواته وعدد كبير من مدافعه بالقرب من مدينة "أوترانت"، ونجحت تلك القوات في الاستيلاء على قلعتها، وذلك في (جمادى الأولى 885هـ= يوليو 1480م.

وعزم محمد الفاتح على أن يتخذ من تلك المدينة قاعدة يزحف منها شمالاً في شبه جزيرة إيطاليا، حتى يصل إلى روما، لكن المنيّة وافته في (4 من ربيع الأول 886هـ=3 من مايو
1481م)، واُتهم أحد أطبائه بدس السم له في الطعام، وكان لموته دوي هائل في
أوروبا، التي تنفست الصعداء حين علمت بوفاته، وأمر البابا أن تقام صلاة
الشكر ثلاثة أيام ابتهاجًا بهذا النبأ.

وصية السلطان محمد الفاتح لأبنه
هذه وصية محمد الفاتح لأبنه وهو على فراش الموت والتي تعبر اصدق التعبير عن منهجه في الحياة:
وقيمه ومبادئه التي آمن بها والتي يتمنى من خلفائه من بعده
أن يسيروا عليها: (ها أنذا أموت، ولكني غير آسف لاني تارك خلفاً مثلك. كن
عادلاً صالحاً رحيماً ، وابسط على الرعية حمايتك بدون تمييز، واعمل على نشر
الدين الإسلامي، فإن هذا هو واجب الملوك على الأرض، قدم الاهتمام بأمر
الدين على كل شيء، ولا تفتر في المواظبة عليه، ولا تستخدم الأشخاص الذين لا
يهتمون بأمر الدين، ولا يجتنبون الكبائر وينغمسون في الفحش، وجانب البدع
المفسدة، وباعد الذين يحرضونك عليها وسع رقعة البلاد بالجهاد واحرس أموال
بيت المال من أن تتبدد، إياك أن تمد يدك إلى مال أحد من رعيتك إلا بحق الإسلام، واضمن للمعوزين
قوتهم، وابذل إكرامك للمستحقين .وبما أن العلماء هم بمثابة القوة المبثوثة
في جسم الدولة، فعظم جانبهم وشجعهم ، وإذا سمعت بأحد منهم
في بلد آخر فاستقدمه إليك وأكرمه بالمال.حذار حذار لا يغرنك المال ولا
الجند، وإياك أن تبعد أهل الشريعة عن بابك، وإياك أن تميل إلى أي عمل يخالف
أحكام الشريعة، فان الدين غايتنا ، والهداية منهجنا وبذلك انتصرنا.
خذ مني هذه العبرة:
حضرت
هذه البلاد كنملة صغيرة، فأعطاني الله تعالى هذه النعم الجليلة، فالزم
مسلكي، وأحذ حذوي ، واعمل على تعزيز هذا الدين وتوقير اهله ولا تصرف أموال
الدولة في ترف أو لهو، واكثر من قدر اللزوم فإن ذلك من أعظم أسباب الهلاك.
انتفاضة أحفاد محمد الفاتح في العصر الحديث
على
مدار السنوات الماضية ظهر في قلب تركيا أناس يقولون أنهم "الأحفاد
الحقيقيين للروح العثمانية الثائرة" وقاموا بتأسيس الأحزاب والتكتلات من أجل
أن يكون لهم صوت واضح في الواقع التركي ، ونجد اليوم أحفاد السلطان محمد
الفاتح والمتمثلين في "الإسلاميون" القائمون على حكم تركيـا ، يتباهون
بالفتوحات والإنجازات التي حققها "السلطان الفاتح" ويقولون أنهم يكررون هذه
الإنجازات في العصر الحديث ، وقد ظهر ذلك جلياً عندما وقف رئيس الوزراء
التركي "رجب طيب أردوغان" في البرلمان التركي قبيل حرب غزة وقال بأعلى صوته
"نحن أحفاد العثمانيين" نتشرف بأجدادنـا ، وقد قمنا بحماية اليهود الذين يقتلون اليوم أبناء فلسطين في غزة ويدمرون البيوت ويقتلون الأطفال والنساء ، لا يظن هؤلاء أننا سنظل صامتين ، وبعدها بأيام انسحب أردوغان من مؤتمر "دافوس" بعد مناقشة
حامية مع الرئيس الإسرائيلي "شمعون بيريز" بعدما قال بجرأة شديدة إن
إسرائيل ترتكب مجازر ضد الإنسانية ويجب على الجميع أن يقول كلمة صدق في وجه
----- التي تقتل الأطفال والنساء ، وعلى الناحية الأخرى نجد المناصرة
الحقيقية للقضايا الإسلامية والتي يقوم بها أحفاد العثمانيين في قلب
تركيـا وفي أوروبا ، حيث انتشرت "مقارىء القرآن الكريم" ودور العبادة
والمساجد ، وارتفع مستوى التدين في الشارع التركي ، وعادت روح العثمانيين
الساعين لإعادة مجد الأمة من جديد
وتجميع أصوات المسلمين ضد العنصرية والإرهاب .. ونجد القوة الإقتصادية
التركية الصاعدة والتي تسعى لأن يكون لها تأثير في العالم أجمع وإيجاد صيغة
للتعارف بين الشعوب والتآلف والتجمع على كلمة واحدة بين العقلاء والحكماء
في العالم أجمع .
رحم الله السلطان العادل محمد الفاتح، وأسكنهالفردوس الأعلى من الجنة، وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقاً،اللهم امنن على المسلمين بخليفة راشد، يقود الجيوش ويحمي الثغور، ويفتح الفتوحومنها فتح روما، ويحرس الشريعة، يعز الله به الإسلام والمسلمين، ويذل به الكفاروالمنافقين، جعل الله ذلك في العاجل القريب، فإنه ولي ذلك والقادر عليه
.
المصادر : مجلة الوعي وموسوعة ويكيبيديا وموقع إسلام أون لاين وموسوعة الإعجاز العلمي وموقع حماسنـا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الاميرة الصغيرة
مشرفة
مشرفة
الاميرة الصغيرة


انثى عدد المشاركات : 2411
النقاط النقاط : 3097
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 09/06/2011
العمر : 26

 السلطان محمد الفاتـح Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلطان محمد الفاتـح    السلطان محمد الفاتـح Icon_minitime1الأحد يوليو 03, 2011 11:53 am

 السلطان محمد الفاتـح 736528
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يكفےانےجزائرے
تمييز وتواصل
تمييز وتواصل
يكفےانےجزائرے


ذكر عدد المشاركات : 3295
النقاط النقاط : 4529
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 13/07/2011
العمر : 32

 السلطان محمد الفاتـح Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلطان محمد الفاتـح    السلطان محمد الفاتـح Icon_minitime1الجمعة يوليو 29, 2011 4:46 am

 السلطان محمد الفاتـح 635469679
.
.
.
بارك الله فيك ع الموضوع الجميل



***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ســـــامي
تمييز وتواصل
تمييز وتواصل
ســـــامي


ذكر عدد المشاركات : 270
النقاط النقاط : 375
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 04/08/2011
العمر : 33

 السلطان محمد الفاتـح Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلطان محمد الفاتـح    السلطان محمد الفاتـح Icon_minitime1الإثنين أغسطس 22, 2011 3:37 am

بارك الله فيك جزاك الله كل خير
الف شكرا ليك على المجهود
تقبلو تحياتي مزيدا من التقدم ان شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قنآصة آلمجد
مشرفة
مشرفة
قنآصة آلمجد


انثى عدد المشاركات : 1779
النقاط النقاط : 1916
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 08/08/2011

 السلطان محمد الفاتـح Empty
مُساهمةموضوع: رد: السلطان محمد الفاتـح    السلطان محمد الفاتـح Icon_minitime1الخميس سبتمبر 08, 2011 4:46 am

بارك الله فيك جزاك الله كل خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السلطان محمد الفاتـح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  السلطان الغازي مراد خان الرابع
» قصة خاتمة ( أم محمد )
» السر في اسم محمد ..
» محمد بن يعقوب بن يوسف
» محمد اشرف الاعراب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ذكرى :: التاريخ :: قسم التاريخ :: التاريخ العالمي والإسلامي-
انتقل الى: