السلام عليكم و رحمة الله و بركاته /
لقد جاء في تعريف القرآن الكريم أنه كلام الله عز و جل
الموحى به إلى سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ، و إن
شاء الله سنعرف من خلال هذا الموضوع ظاهرة الوحي : معناه ، أنواعه ، و كيفياته .
ظاهرة الوحي
1-معنى الوحي :
الوحي لغة : الخفاء و السرعة ،،
و اصطلاحا : هو استقبال من الرسول لحقيقة غيبية خارجة عن فكره و شعوره النفسي
ممثلة بجبريل عليه السلام .
2-أنواع الوحي :
للوحي بمعناه اللغوي معان متعددة و له بمعناه الاصطلاحي الشرعي نوعان
أساسيان ،،
أولا : الوحي بمعناه اللغوي ،،
لقد ورد استعمال كلمه الوحي في القرآن الكريم بمعان كثيرة منها :
*** - الإلهام الفطري للإنسان ، و ذلك كالوحي إلى أم موسى عليها السلام ،
قال تعالى : ( وَ أََوْحَيْنَا إلَى أُمِّ مُوسَى أَن أَرْضِعِيهِ ) - القصص 7 -
***- الإلهام الغريزي للحيوان ، كالوحي إلى النحل المشار إليه في قوله تعالى:
( وَ أَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَال بُيُوتًا وَ مِنَ الشَّجَرِ وَ مِمَّا يَعْرِشُونَ ) - النحل 68 -
***- الإشارة السريعة ، كما حكى الله تعالى عن زكريا عليه السلام في مخاطبته لقومه،
قال تعالى : ( فَخََرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنِ المِحْرَابِ فَأَوْحَى إلَيْهِم أَن سَبِّحْوا
بُكْرَةً وَ عَشِيا ) -مريم 11 -
***- وسوسة الشيطان و تزيينه الشر بنفس الإنسان ، قال الله تعالى: (
و إنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَولِيَائِهِم لِيُجَادِلُوكُمْ وَ إن أَطَعتُمُوهُم إنَّكُم لَمُشْرِكُون )
- الأنعام 121 -
***- وحي الله إلى ملائكته ، قال تعالى : ( إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلَى المَلائِكةِ
أَنِّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الذِينَ آمَنُوا ) - الأنفال 12 -
***- وحي الله إلى أنبيائه و رسله من البشر ، قال تعالى : ( قُل إنَّمَا
أَنَا بَشَرٌ مِّثلُكُم يُوحَى إلَيَّ ) - الكهف 110 -
ثانيا : الوحي بمعناه الاصطلاحي الشرعي ،،
ينقسم إلى قسمين أساسيين :
***- وحي الله إلى ملائكته ،،
و الذي يهمنا هو أن نعرف كيف أوحى الله تعالى بالقرآن الكريم إلى جبريل عليه
السلام ليبلغه بالتالي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و للعلماء في هذا
الموضوع مذهبان :
الأول : ذهب جمهور أهل السنة و الجماعة إلى أن جبريل عليه السلام قد سمع
القرآن الكريم من الله تعالى بكلامه المخصوص و بالكيفية التي يعلمها الله تعالى وحده ،،
الثاني : و هو رأي البعض ، أن جبريل عليه السلام قد حفظ القرآن الكريم من
اللوح المحفوظ ثم نقله إلى الرسول صلى الله عليه و سلم بأمر من الله تعالى .
***- وحي الله تعالى الى رسله من البشر ،،
و هو نوعان :
النوع الأول : الوحي بغير واسطة و هو نوعان ،،
أولهما : الرؤيا الصالحة في النوم ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت :
( أول ما بدىء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم
فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثل فلق الصبح) - متفق عليه –
ثانيهما : الكلام الإلهي من وراء حجاب يقظة لا في المنام ، و هو ثابت لسيدنا
موسى عليه السلام ، قال تعالى : ( وَ كَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيما )
- النساء164 - ،، كما ثبت تكليم الله تعالى لسيدنا محمد عليه الصلاة و
السلام ليلة الإسراء و المعراج بدون واسطة على الأصح من أقوال أهل العلم .
النوع الثاني : الوحي إلى الرسل بواسطة الملك و لا يخلو
هذا النوع عن إحدى الحالتين :
الأولى : أن يأتي الملك إلى الرسول صلى الله عليه و سلم مثل صلصلة الجرس
و الصوت القوي فيثير فيه عوامل الإنتباه فتتهيأ النفس بكل قواها لتلقي أثره ،،
الثانية : أن يتمثل الملك بصورة رجل و يكلم النبي صلى الله عليه و سلم و هذه
الحالة أخف على النبي من سابقتها ،،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يأتيني الوحي مثل
صلصله الجرس و هو أشد عليّ فيفصم عني و قد وعيت ما قال و أحيانا يتمثل لي
الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول ) - رواه البخاري –
هذا و قد نزل القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه و سلم بواسطة جبريل عليه
السلام ، و لم ينزل عليه شيء من القرآن في الرؤيا و لم يسمع شيئا منه من الله
تعالى بدون واسطة ، و الله أعلم .